الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

سيرة ذاتية ..








داخلي شوق مسافر، أراني أبحث دائمًا عن الضوء ..
ما مدى الظلمة داخلي يا الله؟ أفرّ إلى الضوء،
أفرّ من تعب الشِعر والكلام الحلو الذي أحيانًا مهما قرأته تظل قناديل الروح مطفأة،
 ولا يُسهب سعدٌ صغير في الاشتعال ولا تهبّ حتى رياحينه ..
 
 أتمثل في نقطٍ صغيرة في فراغ أبيض، يمكنني أن أكون في أي إحداثي وفي أي لحظة، لكنني في لحظة خالصة من الحضور والوجود مازلت متفرقة .. ومتبعثرة لحاجاتٍ لا تعد وأحيانًا لا توصف، لا أستطيع ببساطة أن أجمعني أو أن أشدّ بصر الغريب لجزء واحد من أجزائي الكثيرة والصغيرة، ما أكثر فراغاتي لو مددت يدك، ربما سأعترف بأنني من بعيد لي شكل لوحة متماثلة، تؤذي العين بلطف وتستفز الحواس على نفي المسافة الماثلة إلى أقل من ١٠ سنتيمترات، وهكذا .. بمسافة تكاد لا تذكر، تتكشف تفاصيل اللوحة بشكل متفرق، تفصيل واحد بعينه متمركزًا حول ذاته، يفصله فراغ لا بأس به عن التفاصيل الأخرى، التي هي بدورها تنفصل أيضا بذاتها عن التفاصيل الأخرى بمئات الفراغات التي لا بأس بها، ولابد وأن اللوحة تحولت لوهم بشع، ولابد بأن الإيذاء اللطيف الذي مرّ على شعورك وأنت بعيد .. تحوّل إلى إزعاج لا يطاق مع كل هذا القرب اللا متناهي!
 
تطرأ على بالي فكرة عني، أود أن أقولها بصوت مسموع أو أن أكتبها على جبهتي ..
 "لا تقترب، إلا في حال رغبتك بتعكير انطباعاتكِ الأولى الجميلة"
أو لنبسط الأمر أكثر "ابتعد، حتى تراني أجمل"
 واحفظ، احفظوا مسافاتكم، إلا إن كنتم تمتلكون تلك الرغبة القوية والشجاعة في الحب، أعني نوع الحب الذي يتطلب منك أن تغمض عينيك وتفتح قلبك، أن تتحمل .. تتحمل أشياء قاسية، وحلوة، وصعبة، وسيئة، وحقيقية بشكل مرير، أشياء تصل للبشاعة لكن ما في قلبك قادر على إعطاءها سبب جمال آخر وليس أخير أبدا، الحب الذي له هيئة التعب ولكنه لو شاء لتفجرت منه كل منابع السلام والراحة، الحب الذي لا يحتاج من الآخرين أي تحفظٍ أو تكلفٍ أو حرج .. الحب الذي يثمر وينضح ويكبر، الحب الذي لا يحكم ولا يقيّد ولا يمارس عدوانا فكريا على عاداتنا الصغيرة السيء منها والحسن ..
 
 الحب الذي يبتسم كلما صرخت في وجهه
"أنا وحش! لماذا أنت هنا .. جانبي؟!
أنا وحش، لا أحد يحب الوحوش ولا أحد يفضل البقاء بجانب وحش!"
.. ثم فجأةً لا تعود وحشا.




الخميس، 7 نوفمبر 2013

سفر اللحظة ..












أمشي من بعد درس ثقيل، لماذا يأتيني الكلام لحظة لا يسعفني حبر أو ذاكرة. أضم إلى قلبي الهواء .. لا أعد خطواتي ولا أسألها إلى أين، بل أمشي كما لو أنني على حافة ولا يهم إلى أي هوة سأختفي، لن أختفي .. ليس في تعبير مجازي، غالبا أختفي عن حدودك ومساحات بالك، لكنني حيث الضجيج والعالم المتشابك المتفكك لا أختفي وكثيرا ما أجدني، ليس في التفاصيل العظيمة ولا في أغنية منعشة في الصباح ولا حتى في درب بجانبين مزهرين أو قصيدة مرت على مسمعي في حلم، بل أجدني تلك الهائمة في مقعد أمام كلام يشرح فرضيات ونظريات لا تحمل عن القلب همه وشكوكه ولا تضع حتى سؤالا حلوا، إنما كلام يجعلني أتساءل عن حقيقتي .. وعن افتراضي، وعن ما أحبه فيما بين الشيئين، كلام أحب نصفه وأكره بدايته، كلام يأخذني على محمل الجد وآخذه أنا على محمل أن الوقت سيمضي وسأخرج منه سالمة..

 أجدني مثلما أخبرتك ضائعة، أبحث بعد سهوي عن خيط ألمسه فأستدل به على قطعة الثوب الكاملة وعلى ما يفترض بي أن أكونه، إنني في النهاية أحتاج أن أكون أي شيء في طريقي لأن أكونني، وأجدني .. تلك المارة من بين ألوف ولا يستيقظ قلبها عن الوحيد النائم ملء شوارده، تلك التي تحمل من الكلام جمال الصوت الآتي به، لا أملك صوتا جميلا، صوتي يشبه كثيرا صوت طفلة هادئة تشتهي لو تجرب الشقاوة أمام العلن مرة .. لكنها كثيرا ما تبلع الحروف فتتردد عن الانقلاب.

 أحلم بأن أقرأ شعرا مثلما تُغنى أغنية بصوت حالم يسجي عن الليل ضواحيه الباكية ونجومه اليقظانة، لي أسبابي حين أصمت ولا أملك سببا واحدا للكلام سوى أنني لا أحب الأقفاص، والصمت قفص الأصوات، أعوّدني على مجرى الهواء والاندماج في معمعة العالم، أختلط بحديث وبآخر، وأتشوق أكثر لحديث خضته وأنا أكتب رسالة لغريب .. لم يرد علي إلى الآن.

 لا أفهم إشارات السماء وغالبا حدسي تجاه الأمور مغفل وخاطئ، كثيرا ما أقول بأنني أحس .. من منطلق اعتيادي على ذلك، لكنني لا أدرس إحساسي قبل أن أزرعه، عاطفية لكنني قاسية أمام القرارات، لا أستمع لقلبي بل لعقلي .. أنا التي تذوب أمام الشِعر والكلام الحلو ومسافات الغزل بين عينين، أغلق الأبواب بوجه اللحظات العاطفية لأن عقلي يرى بأنه أجدى، قاس ربما .. لكنه جنبني كسورا كنت لأبحث الآن عن ورد لأرممها، وعن جروح كنت لأخطف دمى الثلج كلها لأبنيها فوقها، عاطفتي مختزلة أو متشككة .. لا أفهمني ولا أفهم آلية الحب عندي..

 أجدني .. أجدني في تناقضاتي وهروبي، في نزعتي إلي وانغلاقي، في انقلابي على أسواري التي تحميني، أجدني في عجزي عن الركض إلى النور .. اركضي لست فراشة لتحترقي، اركضي .. لله، للنور، لواسع الطمأنينة وواهب الرضا والفكرة .. وفاتح أبواب السلوى، نسيا منسيا .. سيذرو عنك الألم، أركض .. لا بل امشي إليه، قفي إليه، ارغدي حتى إليه، أغمضي إليه حواسك وافتحيها لمهب رحمته ونوره، نأخذ من الأصوات ما يرضينا من كلام، أحب فما لا أنسى صوته ولا كلامه البلسم، ننسى الصوت ولا ننسى الكلام، الكلام الذي إما سهم أو ورد محل الدم، ما أجمل الذين قالوا لنا رقادا هانئا، ثم أغمضوا عيونهم على حلم أبيض وما عادوا، ما أجمل احتمال ليل هادئ في الجزء الآخر من العالم، ما أعذب أن تتشابه دعوة أرددها في منامي وصلاتي ووحدتي مع مطلع مناجاة غريب في مكان ما بعيد، ما أحنّ أن تأخذني مني وتأخذ مني صمتي لأنني أخاف أن أهجر في روحي الكلام، أما كان أءمن لك لو أن لك قلب تذوب فيه الكلمة الحلوة والسيئة، أو لو أنك تصحو على عينين تحببانك بالصمت لأن الشِعر والقُبل فيهما أبلغ، أو لو أنك طفل ويدك تغفو على يد أمك حيث لا تصحو أسوار ولا حدود ولا لحظات تعب، قبّل ما يأتيك متأخرا لأنه آسف ولأنك آسف .. ولأن انتظارك بطوله كان جميلا وأتعبك، جميلا وأسهدك، جميلا وعلمك بأن الحياة هي ما يفوتنا ونحن ننظر إلى جهة واحدة قد لا تنفتح منها الأسرار التي اشتهينا دوما مجيئها.

السبت، 31 أغسطس 2013

آخر الوداع.



أريدُ أن أنهض من وعكتي ..
لا تقدم لي القهوة، لا أحبها، إن كنت ستقدمها أضف معها الحليب، ويا حبذا قليلٌ من نكهة الفانيلا لئلا أضيف السكر. أحب المقاهي لكنني لا أحب القهوة كثيرا، وأحب المقاهي المفتوحة .. تلك التي تحث الروح على الخفة والاندهاش بكل لحظة سانحة ومشهد عابر. أمد يدي تحت الطاولة أتخيل بأنني أتشبث بخيط لا مرئي بين حبيبين، أشدّه .. أقربهما من بعضهما أكثر. يدك فوق الطاولة، تطرق عليها بأصابعك، تزعج كينونتها، لا أسألك ما بك .. لأنني لست مهتمة، ليس الآن، ليس في اللحظة التي أحاول فيها أن أنزع جذورك مني لأنّي ما عدت الأرض الخصبة ولا تلك التي تتمنى لو تكبر من مائها. تسألني ماذا سأشرب، أجيب بأنني أشتهي قطعة ريد فيلفت، لا، بل أشتهي أكثر الكريما التي تلبسها الريد فيلفت مثل غيمة، تسألني بتهكم لن تشربي الشوكولاتة الساخنة! غريبة، لا أبتسم هذه المرة ولا أضيف ردا أخير، أريد أن أنهض من وعكة قلبي، منك. أسافر في اللحظات العائمة أو لنقل تلك التي انتهت منذ مدة، أفكر بالكلام الذي قلته .. كانت عفويتي محض سذاجة، واستبصاري عمى، كنت أشدّ على يد لم تكن موجودة أصلًا إلا في خيالي وأرخي تعبي على كتف كانت أطول وأشد تكبرًا من أن تحملني، كنتُ شكل الكلام، كنتُ وجه الكلام الذي يعتمل في قلبي ففاتني أن أكون البئر لسرّي، لماذا أضعف هكذا، لماذا حين تضعف أنت لا أشعر بالأمر سيئًا، لا أحب أن أرى ضعفك، ليس هذا ما أعنيه، لكنك لا تبدو سيئا وأنتَ ضعيف، إنما أبدو أنا مثل ديمة تدفعها الرياح إلى أرض لا تحبها، مثل كتاب مشرّع تمرّ به الأيادي والوجوه، يقلبون صفحاته ببرود، يسألون بتعاسة لم لا يعيد أحدا هذا الكتاب لمكانه .. هذا الكتاب؟ هذا الكتاب له اسمه على فكرة!. يدك ما زالت تطرق على خشب الطاولة، أرنو أنا .. لن تستعيد جذورها ولا أوراقها، اطرق أكثر لربما يحمل إلينا النسيم رائحة الغابة حيث نبت خشبها لأول مرة، لم تطلب شيئا، ولا أنا، كنا نحدق في وسع المكان، في الهواء الذي كلما فتحت فمي لأقول كلاما فكرت به منذ مدة اختنقت، لماذا لا ينصفني الهواء، لا يسند صوتي، لماذا يصر على أن يتغافلني ويسحب مني الكلام خارج قلبي الصغير .. ويضيع به، أعد لي كلامي، كلامي الحرج والطويل، أعد لي قدرتي على أن أنهض وأبتعد دون أن ألتفت للمرة الأخيرة لأتأكد من قلبي، معي أم معك.



الخميس، 1 أغسطس 2013

in silence, she stood .. still.




حركة،
أفتح باب العتمة، أهرب من ضوء الكلمات القليل ..
أختار أن أنام على أن أقول ثمّ أصمت ثمّ أقول .. ثمّ أصمت.
أختار أن أنام على أن تهتز حبالي الصوتية ثمّ تجمد فجأة، لتجرحني من بعدها موسيقى،
موسيقى تعيدني لمشهدٍ قديم .. ما لي وما لهُ الآن.

- أغمض عينيك، نسيتُ كلامي ..
- أنتِ مجنونة

تذكرت، ذاك أنني كما كنت أقول ما زال على طرفِ القلب كلام، مازال الحرف يتهجّد على حدوده الضيقة
كان ليكون سهلا لو أنّك سمعت معي الصوت داخل رأسي، .. لو أنك عرفت كم مذهلة وجميلة هي النصوص
قبل أن أكتبها إليك. عسيرٌ على الفهم أنت، والكلام الذي يدسّ نفسه خلف الستار، أما كان بالإمكان أن أرفع
الستار ثم أمسكه، أفضحه .. لكنني لا أدل نوافذ روحي، تخيّل!

أحبّ البحر، أريده أن يهدر بغموضه فيني، أن يخبرني عن موجاتهِ المجنونات .. ينامُ على أصابعي ويستيقظ تكرارًا ومرارًا
دون أن يُطلعني على أحلامه التي رآها في منامه .. منامه القصير جدًا على أصابعي. يتساءل كلما غطى
صدفة وراح عنها، يتساءل ريثما تفصح كل يوم عن لون جديد من قشرتها، ريثما تنسلخ الألوان الطفيفة عنها
يتساءل البحر .. من يأخذ لون الآخر؟. أريد أن أمنح يدي للأفق، أصير نورسًا لدقيقة وألمس وجه الشمس.
أخاف، أخاف من هذا العالم الذي ينشغل بدواخله المتشابكة عنّا، أو أننا نحن من نتشابك حول أرواحنا ..
ونلهو، نسهو .. وتسرقنا الأشياء الواسعة عن الملمومة والدافئة.

- أحب المساحات الواسعة
- أنتِ سمكة

لربما أنا سمكة، بعدما ظننتُ أنني عصفورا صغيرا، .. ما أتفهنا حين نزعم ما نحن عليه
لست سمكة، ولست عصفورا .. أنا شيء تهرب منه كل تلك المخلوقاتِ الصغيرة أصلاً.
تمنيتُ لو أن يلاطفني عصفور صغير أو نتحادث عن إحتمالة أن تصير أسلاك الكهرباء
سلالم موسيقية، وسكك سفرٍ ودروب للمشي والحديث الساهر، أن تمنحني سمكة بساطتها في التنفس
تحت الماء، والنوم مفتوحة العينين - لا، هذا مخيف قليلا-، هكذا، لأسبح .. لأطير، دون خوف.

يستر كلامي القليل، الصوت داخل رأسي
يشبه صوتي، أحبّه .. ولا أخرسهُ أبدًا
لأنهُ يحرضني على الكلام رغم سبات اللغة وجفاف الحرف
رغم أصابعي المنكفئة إلى قلب كفي، الخالية من أثرِ الفكرة
لأنه يتركني أغني .. دون أن أنزعج من نشاز الحلم أو ضيقه
أريد للصوت أن يهدر، خلال دمي الهادئ، أن يهزّني ..
فأقول كلامًا كنتُ أخجل منه، ليتمدد الصوت في قاعي
يصرخُ ليمدّه الصدى، ووحدي أستمع، وحدي أضحك
لصوتي الدائر داخل رأسي، له .. وعليه.
كم كان الأمس مناسبًا لأبلل نفسي بالزحام وأرتّل أمنياتي بحنان
لأنني أعرف .. أعرف، أنها لا تحدث، ليس لفتاة مثلي.
كم كان مناسبًا أن أصطدم بعائلة لطيفة ثمّ أبكي لأن طفلًا شابهك ..

- تتحدثين ينتفخُ رحم الياسمين*
تنجب الأرض خطىً جديدة، تشعّ نجمةٍ عن مدارها
ويحنّ الشجر لانعكاسه .. على وجه الماء ورذاذ المطر البارد
أقفلي هاتفكِ ليلا، لئلا يشدّني صوتك، أو ازرعيني ..
حيث الصوت داخل رأسك، أتمشى معه .. ندور ونضحك.

متعبة، لأن .. أشياءً كثيرة تقفُ في منتصف روحي
لا أعرف كيف أعود إلى حيث لا يبدو صمتي وهنا ..
إنني أخبئ عاطفتي المشبوبة، ها هنا خلف صمتي،
وصمتي لي وحدي، لا أشتهي أن أمنحكَ إيّاه ..
تركب له ما تشاء من الكلام.

لا تُفكر بهذه الطريقة، المتفائلة والساذجة،
 تُغيظني .. لأنني أصير مثلك منتفخة بالفرح والأمل،
 ثم حين أغمض عيني يتهدّم كل شيء من دون علمي،
 وأفيق .. أفيق لأن صوت الانقضاء هزّ طمأنينة حلمي
 وراح عن الوسادة، وأبقى وحدي ..
 أعدّ الضحكات التي مشيتُ بها والتفتُ بها،
تغادرني الآن مثلما ينساني دمعي،
 يسلو حالما يفرّ عن رمشي،
 تنسانا .. لحظاتنا تنسانا،
 وحدنا نملك لها غرفًا فسيحة في أعماقنا،
 وأنت .. ما أكثر ما تنساني، وأذكرك.

هل اتسعتَ بما فيه الكفاية لتحمل عنّي ضيقي؟
أمّ إنك ضقتَ بما فيه الكفاية لتتمدد في ليل روحي ..
كلنا، مجرات واسعة، لو أننا آمنا بوسعنا وبضيق ما يشدّ حصارهُ حولنا.
لماذا لا نُسفر ببساطة عن شوقٍ أو حب؟
لا أدري .. قل لي؟


وأسمح لي الآن .. أن أبكي
على كلّ ما حبستُ عنه دمعي
للمشهد الذي ما له وما لي الآن ..
لأن لا كلام عندي،
ولأنني ببساطة .. وفي سعة تشابك هذا العالم
في سعة فوضاه، نسيتني .. نسيت أن أقف للحظة وأسأل:
مرحبا .. من أنا؟


* The picture above, belongs to @NHxD

الاثنين، 8 يوليو 2013

صديقانِ نحن فسيري بقربي كفًّا بكفّ ..*

 
 
 
 
 
 
 

إنني وبلا شعور أسكب من روحي، ليفيض ما فيها أين ما فاض لا يهم، أنت هنا تستمع، ومطمئنة لك أنا من الداخل، بأنه لا يمكن للكلام الذي يصلك مني أن ينحرف عنك، ولا يمكن لقلبك اللين أن يحلل الحرف أكثر من اللازم، مطمئنة للأذن الجميلة التي تسمع .. تسمع بلا كلل، تسمع دون أن تتشكل أفكار ونوايا حول ما تسمعه، تسمع لأن الله خلق لنا أذنا تسع ثقل الآخرين، فوضاهم الجميلة .. والخربة، تسع تعثرهم وضحكاتهم، تسعهم بأكملهم بتدفق أصواتهم، باستدارة حروفهم ونبراتهم لحظة دهشة أو عاطفة أو تكسر، حتى في لحظة صمت .. أطمئن لأذنك الجميلة، أطمئن لها أكثر من أي شيء آخر، لأن أذنك قلبك، وقلبك .. لحظة التنهد، قلبك سؤالي الصغير والكبير وراحتي، قلبك الصورة الأكمل لضوء يسرّح تشابك شَعري وفكري وروحي، قلبك الستار الذي أختبئ خلفه كلما هب العالم بيديه الواسعتين "سأجدك!" وتخيل .. لا يجدني، قلبك الذي يسمعني، قلبك الذي أتمشى أمامه عارية إلا من ابتسامة واسعة، قلبك الذي يجبرني على التبسم، وإن كان تبسما حزينا .. آتيا من عمق رغبتي الجارحة بالرفقة والبقاء .. معك!
 مثلي؟ تمنيتَ لو أن الطريق لا ينتهي، لو أن الطريق وإن انتهى فإنه سيلتف حول نفسه من جديد ليبقينا أكثر، نُشرك العالم في تساؤلاتنا وحججنا وطرائفنا، وكعك الليمون، وأكواب الشاي، والرسائل وأصابع الشوكولا، وعناوين الكتب وتاريخ الشعر، ونظريات الكون وثقافات زيوس وأفروديت وهيرمس وأثينا، ورداءة النصوص الأخير،ة وبساطة الحياة في المكان غير الذي نعيش فيه، وخيوط المجتمع التي تلف رقابنا وكفوفنا وأفواهنا، وطريقة الشعب في تكوين ذاته تحت مسمى الكعك والأناقة واللمعان والتشيزبرغر، تفكك العناصر المركبة إلى أولي،ة وأهمية السوائل المبردة وتناقل المادة، ونظريات نيوتن واشتقاق الدوال، ونهاية الكون وتحلل الإنسان، اشتياقنا للذين لا يعودون والأحلام التي تصلح لأن تكون فيلما، رداءة تمثيل ستيفن سيغال وفتنة جوليا روبرتس حين تبتسم، حالمية الأفلام الهندية وكم أن عيد الألوان في الهند آسر وأود لو أحضره، والمقاهي المفتوحة في الدول الأوروبية، العصر الفيكتوري والجمال الذي تُحضره كيارا نايتلي حين تمثل دورا لفتاة فقيرة تعيش في الريف الانكليزي، ..  نمرر أصواتنا مع ما يدور حولنا, صغار لم تتمكن الحياة بعد من شد أطواقها الكئيبة حول شفاههم، حسنا .. نتفق أنا وأنت، أننا نحن من يشوه صورة العالم أحيانا، أننا نحن من نخيط له أقنعة بشعة ومخيفة، نواري بها سوءة أفعالنا ونجلي بها فاحشة العالم –الزائفة-، كل شيء قاس، وكل شيء ليّن في اللحظة ذاتها، إننا في أذهاننا نحب دور الضحية، نحب أن نقفز على خيوط دقيقة، نتراشق مجوننا وشيطنتنا، ثم حين نقع .. نقول لم يبني العالم لنا جسورا قوية، دعنا من هذه الحقيقة .. دع أصواتنا تتماهى مع طبيعة ما يحدث، دعها تندمج مع كل تلك التفاصيل الصغيرة والكبيرة، لربما يشكل مقطع من حديث بيننا نهاية مذهلة لحوار بين عصفورين، وربما تتحول نقطة اختلافنا إلى فواصل لقاء بين عاشقين سابقين تصادفا فجأة، قد تندلق ثرثرتي سلما تصعد به صبية صغيرة إلى بالونها الذي سافر منذ ثوان، وقد تتشابك حول نبرتك الهادئة أغصان شجرة توت لم تنبت بعد، دع أصواتنا تهدر .. ريثما يفكر الطريق كيف يتمدد أكثر، دع هذا الكلام يجد طريقه خارج قلوبنا، لا تدري لربما في عالم مواز كنا بُكم، قل لي في الفراغ الأبيض .. هل كنت لتدعو أن تكون قلما؟ فرشاة ربما؟ ملصق فرقتك المفضلة؟ نغمة ناشزة عن سوناتا ضوء القمر؟ نقطا سوداء ليصير الفراغ بولكا دوتس؟ مشهد إعلاني لشوكولا تنسكب – هذا مشهد لذيذ!- ؟ حبرا اسود؟ بقايا أحمر شفاه تركته حسناء لرجل خمسيني في مقهى؟ سلالم موسيقية؟ أم أنك ستختار أن تسبح في ضوء الفراغ الأبيض .. ينسحب إليه ليل صدرك؟ .. أشياء كثيرة من الممكن أن تحدث في فراغ أبيض، في النهاية يمكن للفراغ الأبيض أن يكون مجرد تصور لنملة تائهة وسط رخام أبيض واسع، أو مغمورة في شعر عجوز، أو ربما سانحة في مدى سرير مشفى، .. نترك الفراغ الأبيض؟ نتركه ..
 مازلت مندهشة، مني، منك، منا، من كل ما يعطيني إياه العالم في هذه اللحظة وأخاف أن أمد يدي للأخذ المرة بعد المرة، لابد وأنه يختبرني، لابد وأنه يقول يا لها من صبية طماعة، سأفاجئها بعد قليل، ستمد يديها .. وليس ثمة شيء لتغلق عليه راحة كفها!
 علمني .. علمني متى أرفض هدايا العالم، متى أسأله واحدة، ومتى أغتصب منه إن شئت، علمني كيف لا أخاف، وأن الوقوع ليس كابوسا، وأن الظلمة .. يمكن لها أن تكون أمنا، عندما نغمض أعيننا متى ما أردنا أن نحلم مثلا، متى ما أفزعنا شيء، أو متى ما وخزتنا ذاكرة، علمني أنني الآن وبمكاني هذا، بلحظتي المتوهجة تلك أتقاطع بخطوط قدري مع خطوط أقدار أخرى، نتشابه، نتصادم .. نبتسم معا، نأخذ الهواء معا، نسافر بلا أيادينا تحرس صدورنا، تحفظ ما تبقى به من الكلام والقصيد، نتشابه في أننا آمنين وأننا بلا حدود تضيّق فكرنا وتماهينا مع ما يتداخل في هذا العالم من حسّ وصمت وزحام، علمني متى أفلت الفكرة ومتى أحفظها في روحي مرساة سلام، علمني متى أقاضي شكوكي ومتى أفرض يقينا لم أعهده، علمني بأنه لا بأس أن تتبدل مبادئنا التي حفظناها عن ظهر قلب، وأن لا ليست تمرد وأن نعم باب مفتوح للتسامح واللين، علمني أن السؤال ضرورة وأنني حين لا أملك إجابة فهذا لأن العالم مازال يوسع خطوطه في مدارات روحي، علمني أن لا أربط شعر أفكاري، أن لا أركب له تسريحة الكعكة أو الضفائر أو ذيل حصان، علمني أن أفلته مثلما يفلت الليل عتمته وسكونه، مثلما تفلت السماء صدرها لفجر عذب أو حار، مثلما يفلت العالم كل حواسه حين تتشابك دواخله، علمني أن الأفكار من حقي، وأنها من داخلي، وأن الفكرة السيئة .. ليست بالضرورة سيئة، علمني أحيانا وليس كثيرا أن أنتبه على الطريق أكثر وأنتبه أقل على تفاصيله المزحومة، علمني أن الدمع سقيا، سقيا الروح والحلم، أنني حين أبكي .. تنبت من بين شقوق دمي بساتين مانجو صغيرة، وتزهر أرض بعيدة، علمني .. بأننا نحتاج أن نميل برؤوسنا للوراء، لنمسك بلحظة هاربة، لتتمشى الأفكار المزعجة والسيئة-التي ليست بالضرورة سيئة- إلى الخارج، نميل برؤوسنا لتميل معنا صور الحلم والذاكرة، علمني معنى أن أذكرك في قصيدة، وأنساك في نص ساذج، معنى أن أتوارى فيما بين مجاز الشاعر وألمس باطنه الشفيف، معنى أن نحلم ثم نفرد الورق تتأنى فيه لحظات الحلم مرة بعد، علمني معنى أن هذه الأرض تسع الجميع، وأن الورد يسد حقد البندقية، علمني أن الحجر يلين وتنبت من بين قساوته دوامة ناعمة من الورد، علمني بأننا حين نسامح تنام أرواحنا ملء جفونها عن شواردها**، علمني معنى أن نركض في حقول الروح، أرواح من نحب .. دون أن نكسر أرضهم، دون أن نهز حالمية الأمن فيها، دون أن نوقظ غفوة التعب، ونقيد سفر العذوبة والحلم، دعنا نزرع كلما توقفنا لنستريح مشهدا يطمئنون له كلما حاصرهم الدمع وبكوا، رأوا أن دموعهم غيث صيف.
 ونحن نزاحم العالم في ثرثرتنا هذه، ذكرني بأن لا أقسو كلما مالت روحي، كلما وقعت ذكرني بأن الأرض تحن إلينا، وما فاتنا ما كان ليكون لنا .. ذكرني بأنني أقدر وأنه لا بأس حتى في أشد اللحظات خيبة، وأنه من حقي أن أكون سيئة في أوقات كثيرة، ومن حقي أن أهرب ساعة يضيق الهواء من حولي وأختنق .. لكن عدني بأنني في كل مرة سأهرب، سأهرب فيها إليك، لأذنك الجميلة، لقلبك.
في اللحظة التي تقل فيها باقي الأصوات، ويهدأ كل شيء إلا صوتينا، سنهدأ نحن أيضا .. أعرف، سنخبو، وسيصير مع المساء كلامنا همس، إنه يليق أكثر أن نتحدث بالسر أمام نجمين شاردين يحبان الكلام والحكايا التي تنبت من الأرض، سأخبرك أنني أحب الليل حين لا أملك شيئا أقلق حوله في الصباح، وأنني أتمنى لو أسهر ليلا أمام البحر وأصدق أن الشمس طلعت منه، وأنها لحظة كنا نهيم بالسواد كانت تزرع جدائلها المضيئة لآلئ، سأخبرك أيضا بأنني ليلا أخاف من صوت الطائرات أكثر من ما أخاف منه صباحا، وأنني ليلا حين لا يشرد عن موعد نومه سواي أعيش لحظة مجدي مع السقف، إذ أنني بكل حرية أستطيع أن أشكل خيالاتي وأبتسم كلما ابتسمت -أنا المغمورة في مشهد السقف، ماذا ستخبرني عن الليل؟ هل تبحث في اتساعه عن بيوتا تصلح لقصيدة، هل يذهلك صمته المهيب؟ هل تسأل ترى ما الذي يمر في بال الليل، قمر واحد يكفي؟ هل يطمئن الليل قبل أن يغفو على نجماته؟ هل يسأل عن النجم الشارد؟ هل يعيد لبيت درويش جوابه .. هاكِ يا أمّ شاردكِ، الذي عيناه نجمتان***؟ أم أنك ليلًا تشرع ليلًا آخرا، ليل صدرك وروحك وتتشاركان شجنا وقمرا واحدا، أشعرك أيضا تقول له : هات علبة السجائر ..، وتصمتان، ثم تستريح في كتاب، أو عاريا مع أفكارك، تتناقشون وتتضاحكون وتقترح على أفكارك أفكارا أخرى .. ستخبرني عن الليل أشياء كثيرة، وسأستعير بعضا من مما يفعله الليل بك، لأكتبه .. أو أعيشه.
يحاصرنا البرد وتشوقني عربة مثلجات بعيدة، أغمض عيني لتمر لحظة مستعجلة، ألمس الوقت لكنه لا ينتبه، توقظ حواسي بفكرة لا أفهمها، لكنني أستمع .. أشكل الكلام الذي يحمله صوتك مع خيالات اللحظات المستعجلة، نستمع أنا ولحظاتي التي تبدو هاربة أكثر منها مستعجلة .. إليك، نقف .. يشدنا الحديث، تُدهشنا فكرة ما وتعيدنا من الحيرة نبرة أخرى متأنية تقول بأن الأمر بسيط لحظة واحدة لأوضح أكثر، نبتسم معا .. ترى ماذا يشبه العالم داخل رأسه - نفكر أنا ولحظاتي التي تلاشت تماما.
الصمت يعني كلاما أكثر، ورغم أني هادئة .. لكن حواسي تدور في ضجيج واسع، تذيب البرد الذي يضرب بخفة حواف أنفي وفمي وأطراف أصابعي .. لا أملك جيوبا في معطفي، لكنت دسست يديّ بعطف، لكنني بدلا أغمرني بك، يلمسني البرد بخفة، يجتاحني حضورك دون أن يسألني أن أفسح له دربا  .. ثمة ما يدور في روحي، لا أدركه تماما، لكنه يشبه اختناقا خفيفا، حلوا لا تقلق، إنه يشبه أكثر سلسلة الانفعالات المدهشة والمجنونة التي تنتهي ببكاء سعيد، بدمع عذب وضحكة بلهاء .. تتنهد المشاعر التي تثور داخلي، لا أملك جوابا يهدّئ من غرابة ما أحسّ به .. غرابة حلوة أيضا، لا تقلق.
كل شيء هادئ، مازلنا خفيفين فوق ضجة هذا العالم، نثرثر ثم نمنح ما حولنا لحظة سكينة، أريد أن أصرخ .. أن أباغت اللحظات المتمهلة من خلفنا، أريد أن أهرب وأجرب جنون أن أشد الوقت إليّ، أريد أن أوسّع روحي لمساحة أكبر من اللغة، أريد أن تعصف أصابعي بعنق الكلام فيتهدل فوق الورق أو فوق صوتي أو على قلبك، أريد أن أقسو وما أزال أؤمن بمساحة حنو تحدني، أريد أن أخبر العالم سرا ثم أصبح طيرا أو أثر سكر، أريد أن تتخفف الأغاني من الذكريات البائسة وتمر بنعومة على أحزاننا الصغيرة، أريد أن أرقص .. مع أحدهم، أن نتشابك تحت لمحة ضوء، نرقص وتخفينا العاطفة عن مرارة العالم .. قليلا، أريد أن أفسر للحظةٍ ما أقحمت روحي به دون أن أعطيها سببا أو فرصة لتفهم .. لأفهم، أريد أن أختبر قليلا ما يمر بي الآن، ما أنا عليه وما يحاصرني من غرابة حلوة، لأنني في هذه اللحظة لا أشبه أي شيء كنته قبلا، في هذه اللحظة حيث يلتهمنا البرد وغفو الليل اللطيف، حيث أصواتنا تصر على أن تمارس شغب وجودها، أسجل في مذكرة روحي تحول ذاتي، تحول أم تكون .. لا أدري، لكنه شيء لم أعهده، .. قلبي بستاره المرفوع، بحضوره مثل حلم يقظة أشكله كيفما شئت، حاضر وواضح لا خفاء فيه ولا غموض، أنا بداخلك/أنا بقلبي، أنا .. أنا، بلا استعارات أو مجاز يقصيني عني، هذا هو إذن .. معنى أن نتبدى دون خوف، أن نكون نحن نحن، أمام ما نطمئن إليه بحب، كما لو أننا العراء وهم الغطاء، نحن الوضوح وهم الضوء الذي يصير به وضوحنا وهجا، نحن الحقيقة وهم العيون، الصوت، الحضن، الامتداد، الأذن الجميلة، القلب الواسع .. الأمان من كل شك، نحن الحقيقة وهم تجلينا الأكمل.
 لابد وأن أخبرك حين ينتهي الطريق بأنك رفيق رائع، وبأنني أتمنى أن تتكاثر أشباهك وتجعل العالم .. لمرة أخيرة أفسح وأوسع .. نقدر فيه أن نتنفس كثيرا، أتمنى أن تجد مكانا لك فيه، مكانا يشبهك ويهيئ لك أن تبدو دون قلق -إنك تبدو على أي حال دون أن يهمك شيء وهذا أمر جميل-، أتمنى أن تجد لك فسحة تُفصح فيها عن روحك وعوالمك، تَكبرُ فيما بعد لأن العالم صار يحتاجها، لأن الذين يدّعون بأن الفراغ داخل رؤوسهم ليس فراغ .. تهاووا وصاروا طيورا صغيرة تسكن أعشاش عالمك بطمأنينة .. أتمنى أن تجد مكانا لك، لتبق أكثر. ولنمش ربما مرات أكثر..
 
 
 
 
 
 
"-في الأمس كتبتُ نصا ،
في النص كنت معي."
26-يونيو
  
 
 
____________________________________________________________
*أجمل حب - محمود درويش
** "أنامُ ملء جفوني عن شواردها" - المتنبي
*** "أما رأيتم شاردًا .. عيناهُ نجمتان" - محمود درويش

الأحد، 23 يونيو 2013

"يحفظُ اللوحة .. تفصيل صغير،"












" تفصيل صغير في لوحة كبيرة. اترك اللوحة،
  تابعني أنا .. لا أريد أن أغدو مجرد تفصيل صغير
  في لوحة كبيرة."
 
 
 
 
 
 
 
دعني، أكتبك ..
أنثركَ هنا ريثما تسبح في بطنِ الغياب والمغيب ..
ما الذي يزلزل روحك الآن؟ يتفشى في مساحات بالك؟
هل تمسح على رأسك كلما أزعجتك فكرة؟
هل تشرب الماء .. كلما احتجت أن تتأنى؟
هل ثمة فتاة مدهشة، تتباهى فوق سقفك، وأنفك وسطورك، وشاشة هاتفك؟
فتاة لا تشبهني .. أكيد
هل سبق وأن شبهنني؟ الفتيات اللاتي زاحمن حياتك وخيالات يقظتك؟
أنا المقصية خارج، خارج حدودك وأفكارك .. هل سبق وأن شبهنني؟
لا ألومك، ليس في الأمر ملامة .. لأنه لم يكن ذنبك أنك لم تعرفني يوما
وأنني وحدي التي لاحقتك مثل طيفٍ مخمور، مثل ظلٍ شائك ..
لاحقتك بغباء عذب، بغباء تبتسم له .. لأنه لوهلة لا يبدو غباءً!
لا أدري ما الذي قصدته بذلك، لكن علك فهمتني..
وحدي .. ضحكت مع ابتساماتك، وتوجعت مع وقعاتك 
خطّطتُ مع حاجبيك حين ينعقدانِ على فكرة!
طفوتُ مع خطوكِ الهادئ، وركضت مع استعجالك
خصصت فواصلا للكتب التي تقرأها، ودونت اقتباسات أشعرك تحبها ..
حفظت معك الأغاني التي كلما انفرطت من الراديو ملت برأسك
للوراء، مائلا، مشدوها، برنوّ .. تميل
وأميل بقلبي معك وأخاف أن تفلت منه فجأة!
وحدي تخيلت معك الألوان المناسبة على بشرتك، الكحلي .. والرمادي
تأكدت من سعر الحذاء الرياضي الذي تأملته طويلا مرة
وحدي شتمت الفتيات اللاتي لاحقتهن بعينيك، ثم أكملت دربكَ دون اكتراث،
تململت بدلا عنك من ساعات الانتظار الطويلة، وأسرحت خيول أفكاري تجمح نحوك .. 
خمّنت عطورك، ومواعيد ذهابك إلى المغسلة
ناقشت دروسك مع السقف، وفكرت بالمسائل الصعبة والأجوبة التي لا وجود لها..
تسلقت جدران روحك وتركت وردا على حدوده، لتتنفس .. قليلا وكثيرا!
تثاءبت مع تماديك في المنام والحلم، تنهدت إثر تقلبك الوديع أثناء سباتك،
 ولاحقت كوابيسك بعصا الخيزران، لم أتمكن من تأديبها أبدا آسفة!
 ولا لم أجد باب حلمك مفتوحا مرة، ولو عن طريق الخطأ ..
وحدي .. استنتجت مرارة القهوة التي تهدر بخمول في دمك
وتخيلتني .. أنا البعيدة والغريبة، أشبه السكر الذي لا تضيفه لقهوتك أبدا
أبتسم لانعكاسك على واجهات المحلات، ماضيا برأسك الصغير المنطلق ..
لا تتمهل، ولا تمنح العالم فرصة ليشتت انتباهك بتفاصيله الصغيرة والمخبوءة،
 لم أفهم أبدا إلى ما كنت تتطلع، أو إلى أين تنظر أنت ورأسك المنطلق للأمام دوما .. 
الذي لا يتمهل، ولا يتشتت مثلي حين يعبرني مشهد خاطف صغير ..
وأتأخر عنك، خطوة، خطوتين .. مسافة نبض وحلم.
أبتسم لانعكاسك، وانعكاسي الفقير الذي لا يتعب من ملاحقتك! 
أما الآن، ريثما تحضر أنت بين يدي الغياب، وأغيب أنا عن حدود الحضور ..
لوحدي - ايضا- مغمورة .. من دون أشيائك أسبقك إليها
أشبه هدوء مقهى مفتوح على أول ساعات الفجر، هدوءا ناعما أعرف ..
لكنه بلا أحد، بلا إرادته أن يكون عكس ذلك!
أتساءل، عنك .. عني، عن النبض داخلي
هل يخبو؟ نسيت شعور أن ألهث بعد مسافات ركض طويلة خلفك -أيام تعجلك- .. بلى، صار يخبو.
لم تعد ثمة ابتسامات وحكايات وخطوات جديدة أحفظها عنك
اختفيت، فجأة .. من دون أن تُعلمني - أنا ظلك الشائك - أنك لم تعد تحب الضوء،
 ولم يعد يعجبك إفصاح الشمس عن جانبك الآخر-الأسود- عن ظلك .. عني.
هذا غريب .. إنني من فرط ما سرقت مشاهدك، نسيت أشيائي
نسيت كيف ألمح خطوي، وأقرر كل يوم عن ماذا أهرب .. به!
رغم أنني أعود من حيث خرجت، كل يوم
إلا أنني كنت أحب خطط الهروب الصغيرة، الكاذبة .. والمفتعلة!
خطط الهروب التي تجعلني أوسّع خطواتي، أحاذي الرصيف مرة،
 وأتجاوز خطوط الظلال مرة، أزاحم البشر العائمين بمواعيد بعض أحيانا،
 وأشاغب المساحات الفارغة بظلالي العديدة والفسيحة أحيانا أخرى .. 
غريب، كيف أنني من فرط ما حفظتك، نسيتُني .. أنا،
أنا الدرس المهم في حياتي .. نسيتُني
والآن، دعني أشكل ذاكرة جديدة لي، بتفاصيل تشبهني أكثر،
بتفاصيل لا تذكرني بي وأنا ظل شائك .. أو طيف مخمور!
بتفاصيل .. مثل لو أنك تعود
لو أنك تعود ..
هل تسمح أخيرا لظلك الشائك أن يصيح ضوءا لا ينازعك عليه أحد؟
حتى في أشد لحظاتك حلكة .. ضوءا مدسوسا هنا، داخلك ..
مثل منارة هادئة وقلبك بحر ليلي هائج.

الثلاثاء، 7 مايو 2013

"Palm in palm .. "




 
 
 
 " أحلم بك،
أسقط إلى نجمة ..
أطراف أصابعي ندف ثلج
أضيئ، سقطت إلى نجمة، أنا رأسها
أنا أطرافها الخمس، أنا .. نجمة "
 
 
 
 

تراك تفيق من نومك وتتحسس روحك؟ تتحسسني أنا؟
أنا النسمة التي أيقظتك وسافرت؟
 هل تنتبه فجأة وتناديها : تعالي ..
 وتشرع لها الباقي منك، تشرع لها قلبك حجرة حجرة،
"أنتِ ضوء الروح، والسفر، أنت مأمن الحلم، وهدهدة الجراح، أنتِ ..
 ششش، لا تفيقي، دعكِ بعد نائمة، دافئة ولا تصدك عن الحلم داخلي
 رائحة الشوكولا في أيادي الآخرين، أنا شجرتكِ السحرية،
 لي رائحة الشوكولا ولأغصاني ملمس مارشيملو الناعم لو شئتِ"
هل تفيق من نومك وتتحسسني؟ أم تراك تعود للأغنية التي لم تُكتب بعد،
 للشوارع المزدحمة في ممرات بالك، لا تتذكر النسمة التي مرت وفاتت،
 لا تذكرها، لا تُيقظك، لا تُفلتك منك إليها؟..
 
 
 
يؤرقني أن أسرح شعري وشِعري ثم  لا تحلم به، وأن أعدّ عصافير صدري للغناء ثمّ لا تضرب أغنياتي جرحك، أن أعدّ لك عشب روحي كي تستريح واتصرف فيما يقول درويش، ثم تختار خيمة وحيدة في صحراء نائية، أو نافذة مهجورة من قلعة مظلمة .. إنني وبلا شك أسافر كل يوم فوق حدود النبض، بيدي سلال ورد وضحكة مكشوفة ثم لا يُفتح لي باب قلبك؟ أسمع الحفل داخله .. لكنني لست مدعوة، أعود أدراجي باكية، بيدي كوب شوكولاتة ساخنة .. تطل من أسفل الكوب عرافة بلون الشجر وأفق الغروب، تلمس قلبي فيضيئ وتحترق أصابعها الناحلات، تبتسم لي مثل أن جرحا لتوّه طاب، تقول :
" أيتها البازل الصغيرة، يا قطعة البازل الصغيرة .. "
ثم تغيب، تاركة لي الفراغ وأثر سباحتها في الشوكولاتة لأرنو فيهما مثل سمكة تائهة أتعبها الضوء الذي لا تستطيع أن تلمسه، والقاع الذي لا تطوله لأنها ليست منبسطة كفاية، أنا السمكة، أو قلبي السمكة، التي تنتفض إثر الجفاف وغيابك، لكنها تشرب الشوكولا .. لتطيب آخر الليل وأول ساعات الفجر.
 
في مذكرتي الخاصة أكتب أسباب كثيرة لأبتعد، وخلال يومي أرتب مشاهد كثيرة لحلم يقظة يقربني من روحك، وكفك، واثر الكلمات من صوتك, .. تهبط، تهطل، تنثال وأنا التي أفقد كل معاني الاحتماء ساعة تغزوني، وأنسى معنى المظلات والأغطية ساعة يهب مطرك على قلبي، أو ربما أحب البلل، أحب أن ينكشف قلبي في مهب طوفانك، وأطفو مثل لوتس ربما .. تدوّخني أعاصيرك لكنها لا تقتلعني لسبب أجهله، أطفو داخل مسامات روحك مثل أني سائح شغوف بك وبثقافة عواصفك وغيابك وقسوتك .. وطرواة عينيك حين تلمحني.
 
 أنا التي تهزها تفاصيل صغيرة، وتبكيها كلمات لا تتوقعها، أنا القوية والمتكسرة في آن، ألمح روحي، أشدّ أزر صلابتي، لكنها تتفتت سريعا في وجه العاطفة والشوق القديم، أصير سماء دامعة ونجوما ما زالت تغزوها من كل مكان ..، تلاحقنا النغمات عزيزي أينما كنا، تصر على أن تُشابه ضحكاتنا وصوتنا وتتابع الدهشة فوق كلامنا، ويصير اللحن ناعما كلما حدثتك عن معنى الحب داخلي، يصير ناعما وعذب لأنه يعنيك، وأحيانا تحمرّ حروفه وهي تحاول الاختباء عنك، أنت الواقف بينها وبين السطر الذي يحملها، تسرقها، تخطفها، تشدها إليك، وتلاحقك، تتبع ظلالك، أنت حبيبها، أنت عنوانها، وحين تقلب كفيك مثل أنك تسترد ذكرى عابرة، يخفت اللحن لتنساب موسيقى صوتك، لتقول، لتتحدث أنت أيهما الممدود من أقصاي إلى أقصاي مثل سور ورد، مثل إسوارة رقيقة، تلاحقنا النغمات، يشاغبنا اللحن، تقف مثل مايسترو تحرك يديك بعشوائية لتبعثر خطى النغمات، ونضحك لأننا لا ننال منها، أهددها أن في حنجرتي عشرة عصافير، لكنها لا تخاف وترد بسطر مشاغب ..

  لكننا حين نمتد لمشهد رقص تتلاشى بشقاوة، أشعرها تشير إلى نبضي ونبضك معا، أن الحفلة داخل قلبينا تكفي كخلفية موسيقية، تحيطني بذراع واحدة .. تندلق من خاصرتي نوتات موسيقية، كفي بكفك وترتعش الأغنيات الملمومة على عنقي، تنفلت مثل شريطة شعر وأرتعش أنا مثل عصفورة صغيرة، تشدني ناحيتك، يلتمع قرطاي فوق حدود شعري، مثل دمع .. مثل عين تكتحل وتصدر مني دهشة حبّ، تدور بي .. أدوخ قليلا، تميل بذراعك لأنحني بظهري فوقها، يتجاوزنا النسيم ولا يتجاوزنا، عيناك تطالعني، عيناي نجمتان، ترفعني ناحية قلبك، يتفتح فمي مثل دوامة ورد .. يا لها من دهشة عذبة، كفك تدور حول أصابعي، تنبت من أطراف أصابعي نجوم شاسعة ويأكلني خدر لذيذ، عيناك تطالعني، عيناي لؤلؤتان، تتسمر خفقة وتفلت أخرى، أضحك لأنني للتو دست على رجلك، تبتسم وتطير من روحي أبيات حب، مشهد الرقص جريمة حلوة بحق هشاشة نبضي، موسيقاي تساوي تنهدي العميق، تضيء حواسي، يصير فستاني حديقة فراش، وأدور .. أدور، يدك تغزل خاصرتي مثل سكر، يلسعني قربك وأرتعش مثل لمعة الإسفلت بعد ليل ماطر، تقول أن الموسيقى داخل قلبك لهذه الرقصة طويلة، تعبتِ؟ .. وأقول موسيقاي أطول.
 
وحين يتوب الليل عن السماء وينطفئ، حين يمر الفجر بجدائله العريضة ويشدّ من خلفه خيوط النور الأولى مثل شذر، تحضرني على هيئة منام شفاف، أظنه ذكرى لكنّ عيناي مغمضة ورأسي فوق الوسادة يستريح مثل خمائل ورد وعشب نديّ، يحضرني مشهد عيناك تخطف الشهقات من روحي وأرضى، يدك تقطف النجمات من كتفي وعنقي وخاصرتي .. وصدري وأرضى، يحضرني مشهد الحب عذبا وغير واضح لكنه شديد الثقل والحضور، يتهيّأ من أمامي مثل عروس هاربة صوتك البعيد، يدور بي مثل فتاة صندوق الموسيقى، لكن هذه المرة ظلّ الصندوق مفتوحا ولم ينغلق، ظلت الفتاة دائرة ببهجة، تضيء كلما أكملت دورة أخرى ..
 
يا بالغ الامتداد، بالغ الغزو والتفشي ..
 يا حاضرا، يا غائبا، يا وفاء المعنى، وتنكّر الصوت، يا لحظة العذوبة، والملوحة فوق خدي،
 يا أغنياتي الرديئة والأشعار التي تفتت قلبي لقطع سكر وككاو،
 يا سارق الصوت والنبض، يا فتنة روحي، .. وفمي.
 

 
 




 
وتدور في دمي فراشات ..

الاثنين، 1 أبريل 2013

as my voice come, i say ..

 
 
 
 
 


(1)

أولًا .. صوتكِ يأتيني بعيدا، لا أفهم نصف ما تقولين
لكنني على أية حال أفترض حسن النوايا في مجمل حديثك،
مثل أنه حين تتشكل دوامة الورد - فمّك - على شكل شتيمة ..
أضحك واقول تعبّر لي عن حبها، وأرد عليك ومن بعيد " أحبكِ أكثر "
لابد وأن تواصلنا اللامحمومِ هذا والالكتروني البحت يشكل غلالة من الغضب والضجر،
لكن لا بأس .. إنني أراكِ كاملة، ومتأهبة ومشعّة أكثر من اللازم لأن الذبذبات صارت تحدث خللًا في ألوان الشاشة ..
لكن ابتسامتكِ واضحة، وعينيك حين تمعنين في الإنصات .. أحبها، صوتي بعيد أيضا
ويضحكني إمعانك، عيناك تلمع أكثر، كانها بلمعتها تجّر الحديث من مغزاه الغامض إلى وجوده الشفاف..
أنا الآن أخبركِ أنني أشتاق إليكِ، وأن جاري الصربي اللطيف كلما حادثني عن خليلته الجافة،
تذكرت صوتك الندي - البعيد الآن -، وترطّب قلبي وابتسمت، إنك مدعاة فخر لروحي، وذخر لقلبي ..
 أواجه بكِ خيباتي وخيبات من حولي، لكأنكِ علمي الأبيض تجاه مباغتات الأيام الشرسة،
تلين .. تخيلي، تلين اللحظات القاسية، الدقائق العصية، كلما استحضرت روحك ..
هل تلين دقائقك أيضا؟ هل حين تهتز دمعة داخل أحداقك .. تفكرين بي، ويصير الملح عذوبة،
أنا هنا، قولي لي بوضوح كم أنني هنا، وأنني توقكِ وجوعكِ وشبعك، قولي لي أنت هنا.
فهذه المساحة الشاسعة تؤرقني، وكم أخاف .. لحظة تسيرين، بخطوك الناعم في شارع مشرع
لكل الرؤوس والأجساد والشبّان والعجائز والرجال الوسيمين، بخفتكِ المعهودة ونغمكِ الشهي
بقدمين أخالهما من بعيد وردتينِ شفافتينِ، برأسك المائل حيث يميل شعاع الشمس مثل تباعة شمس ..
كم أخاف أن يخطفكِ نسيم، أن ترصدكِ عيون سيئة، وتتشهاكِ أيادٍ قذرة، وردة نديّة بعدكِ، توحين بالنضج
والرقة ولمعة الكنز المخبوء، خالصة ونقية لا يشوبكِ عكر الظنون الماجنة ولا خطو النزوات، مستقيمة مثل نغمة
رائقة، وعلى وجهك قوس عذب، ابتسامتك التي تلين لها الطيور والأرصفة، تعبرين .. فيهطل حزن الأعمدة،
ويتعبّر شارع لأنك لم تختاريه، .. لا تبتسمي، فمكِ أشهى وأنت واجمة. أكذب؟ بلى ..
أخاف أن لا أعود هنا، في مغارة قلبكِ الدافئة، وحيدا .. نائما بسكون، مثل ضوء شارع خال..
يشتتني أن أراك من خلال شاشة ويرونك هم .. شفافة، بطراوة حضورك ..
تصلين إليّ عبر صورة متحركة، ويصلونك هم بأعينهم، وبكامل وعيهم وحقيقتك ..
أتأملك حين أشتاقك، واقفة تسرقين الظل من الورد وخلفك يلوّح سرب طيور، بابتسامة ثابتة ويدك للأبد تلوح
ويتأملونك هم كل يوم حيّة، يتبعك ضوء .. تتقدمين على هيئة ظلال باردة وتلمسهم حبالك الصوتية
وأنا .. أسمع صوتك بعيدا، وغائبا، وهنا .. ويعاودني الوهن، تتعبين، تتذمرين لأن أصواتنا بعيدة
تذرفين دمعا، ثم تأخذين دقائق للبكاء .. أحاول أن أقبض على قلبي، أفرده كي لا تختنقي وأنت في الداخل، داخله
أخبركِ أنني أسمعك بقلبي، وأن هذا يكفي، تنظرين إلي دقائق طويلة، بعينين ذابلتين ويشوّقني بلل خديك لأضمّك ..
حبيبتي التي يبكيها زحام الأصوات حين نتلاقى، حين أشغل الشاشة فنشتعل من أمام بعض كومضة سحرية ..
في النهاية تستسلم.. تلوذ بالصمت، و تقول هات عيناك أودعها كلّ الحديث،
وتسألكِ عيناي : تبقيني هنا؟ قولي لي أنت هنا ..



 
 
 
 
 
(2)

أنت، أحبك أنت وبعد أرنو إليك في حلمي وترحال يقظتي،
في صحوي ساعة فجر، وغفوتي لحظة تصبغ الشمس السماء بالبرتقال،
تقلّم مزاجي .. يصير رائقا، وصحو، تتواطأ مع خيالاتي فتشَع أكثر،
تغلق عيون الليل وتنام داخل قلبي، تصحو الشمس وتصحو عيناي على تقلبّك في روحي،
 أهزّ جسدي .. أرتب الوضعية الملائمة لك، لتنام آمنا ووحيدا، عندي .. و لي وحدي،
 لا تهمك الأسرّة الأخرى، ولا الوسائد المحبوسة في قلب لا يشبهني،
 أنا أوّفر لك سبل الطمأنينة لأشقى أكثر، أشفي وعكتك ليزداد مرضي بك،
 الخير الذي أدسه فيك، ينعكس شرا عليّ،
ذاك أن المسافة بيننا دمٌ، وجلد، وسماء، و .. برد!
وأن المسافة بيننا هي ذاتها تلك التي بين غيم وقطرة مطر هابطة، تزداد وتزداد ..
 ما أفعله لبقائك فيني، يدنيني عني،
 ما أفكر به ليطول سباتك داخلي، يمطر فيني الأرق والسهر،
 لا أغنية تنساب مع الجرح ولا قصيدة تضيّق دوائره،
 لا يهمني جرحي، مادام دمه دافئا وهادئا، مادامه لا يثور،
الليل ليس عباءة كما كنت تخبرني، الليل سقف، واسع ومهيب ولا ينطفئ مهما أشعلنا من قناديل،
وحدها الشمس المأسورة في النصف الآخر من العالم تملك التعويذة الخاصة لتفنيه،
تملك خطة التبادل بينهما، ينتقلان بخفة "ليل،نهار/نهار،ليل"

،والنجوم ثابتة، يقظانة، لا يلحظها سوى الضائعين في صدرِ الفلاة،
النجوم كنز التيه، والحب، والأمنيات،
 تقول أن النجمة غبار،وأقول أن النجمة قرط، والنجوم أقراط تلتهب على جلد السماء،
 كم تشبه السماء عرسا ليلا، لكنك لا تلحظ ذلك معي،
 ولا تصدق فكرة أن الغيم يهيم بالقمر لحظة يزهو على وجه الليل والبحيرة وكأس الماء في يدي،
وسأهزم الدمع، .. سيغرق في ليل عيني، سأتذكرك واضحا وقريبا .. وسأهزم الدمع.
 إنني أنعس، رائحة الفانيلا تغمرني بتحنان، تعال ..



 








 
And nothing is going to end, at least not for me.*
2nd of April / 2013
Dear March, شكرًا لأنك أخيرا أفسحتِ الدرب لأبريل :)!


 


الجمعة، 15 مارس 2013

i met you once, in my heart ..






" لكنني كنت لأختار أن أعرفك .. من جديد. "

لأنك سبب الورد في ضحكي، وحمرة الدم في خدي حين ألمحك في نبضتي المنفلتة ..
وأنك المشهد الذي أغيب فيه بعيدا عن حديث الدكتور عن المصانع وانتقال الحرارة، أنت الأغنية التي توخزني ..
نبرة أصالة وهي تغني " كل أبوابي توصلني لباب، باب قلبك افتحه الله يهديك .. " تشبهني وأنا أطل على قلبك بين الحلم والآخر، أما آن أن تفتح؟ أم أن غيابك أحب جنحانه .. واشتهى سماوات أبعد ؟

لا أريد بابا مفتوحا بأكمله، ولا موارب، ولا مخلوع .. أريد مفتاحا، أريد يدا تعرف كيف تدق وجه الباب فيبتسم النور من خلفه :
" تعالي .. "، أريد أن ألمحني في دمك، في حديثك، في اختيارك لأغنياتك، في ضحكتك وأنت هائم في حلم يقظة منتصف ظهيرة حارة، العرق في بداية لمعته فوق جبينك، مالح .. وفي حلمك تحسه مطرا عذبا، أريد أن أثق بالهوامش وأنها متن المعنى وجاذبيته، أن تكتب اسمي لحظة سهوك، أن تبتسم لحروف اسمي، وأن يفرحك تلاصق أول حرف من اسمي مع أول حرف من اسمك في كلمة عشوائية، وتحزن حين لا تلتقي حروفنا، أريد أن يتخطى قلبك نبضة وأخرى حين تحسبك لمحتني .. أريد أن تهتز روحك لذات الأشياء التي تهزني.

 يقرصني ملح دمعي، أضحك .. لأخدعني، أخدعني وأطيل في الضحك، من أنت؟ مشروع الحب الأطول، أم أن السبات في دمي لذيذ؟ .. مدّ يدك أو خبئها، لا تتركها هكذا، مشرعة للاحتمالين، خطوة لأتخطاك، خطوة لأحبك أكثر، وخطوة في المنتصف، تتأرجح مثل بندول يمينا وشمالا .. تحبه يد الصغير متأرجحا، يحب دوخة التأرجح.

أمرر كلامك على قلبي، يمرره قلبي بكفيه الصغيرين، هل من دلالة تخص روحي؟ هل من مجاز يقصدني، هل من حرفين يملكان عنواني؟ أم أنني دوما خارج كلماتك وأفكارك؟

كانت مباغتة، ضربة حبك .. مثل شيء اغتصبت أرضيَ جذورهُ، وكلما طمسته هز عمقي :
أنا هنا، انا حقيقة، أنا شكك الحلو، يقينك المر ..
مثل زرع استظللت به من دون أن أحس، وحين اشتقت للضوء باغتني امتداده البارد،
حبك لمحة، شقت صدري مثلما يشق برق صدر سماء ماطرة، في لحظة واحدة، تكررت دون أن أعترض،
لأفيق على صوت خطوك في دمي، كزائر مألوف، كعابر قريب .. لا غربة في ملامحك، ولا إحساس دهشة الزيارة الأولى،
إنما كنت تمشي راضيا، بسكون ليل دافئ، تمضي عائدا صوب عشك .. وسط روحي.






March /12 /2012