داخلي شوق مسافر، أراني أبحث دائمًا عن الضوء ..
ما مدى الظلمة داخلي يا الله؟ أفرّ إلى الضوء،
أفرّ من تعب الشِعر والكلام الحلو الذي أحيانًا مهما قرأته تظل قناديل الروح مطفأة،
ولا يُسهب سعدٌ صغير في الاشتعال ولا تهبّ حتى رياحينه ..
أتمثل في نقطٍ صغيرة في فراغ أبيض، يمكنني أن أكون في أي إحداثي وفي أي لحظة، لكنني في لحظة خالصة من الحضور والوجود مازلت متفرقة .. ومتبعثرة لحاجاتٍ لا تعد وأحيانًا لا توصف، لا أستطيع ببساطة أن أجمعني أو أن أشدّ بصر الغريب لجزء واحد من أجزائي الكثيرة والصغيرة، ما أكثر فراغاتي لو مددت يدك، ربما سأعترف بأنني من بعيد لي شكل لوحة متماثلة، تؤذي العين بلطف وتستفز الحواس على نفي المسافة الماثلة إلى أقل من ١٠ سنتيمترات، وهكذا .. بمسافة تكاد لا تذكر، تتكشف تفاصيل اللوحة بشكل متفرق، تفصيل واحد بعينه متمركزًا حول ذاته، يفصله فراغ لا بأس به عن التفاصيل الأخرى، التي هي بدورها تنفصل أيضا بذاتها عن التفاصيل الأخرى بمئات الفراغات التي لا بأس بها، ولابد وأن اللوحة تحولت لوهم بشع، ولابد بأن الإيذاء اللطيف الذي مرّ على شعورك وأنت بعيد .. تحوّل إلى إزعاج لا يطاق مع كل هذا القرب اللا متناهي!
تطرأ على بالي فكرة عني، أود أن أقولها بصوت مسموع أو أن أكتبها على جبهتي ..
"لا تقترب، إلا في حال رغبتك بتعكير انطباعاتكِ الأولى الجميلة"
أو لنبسط الأمر أكثر "ابتعد، حتى تراني أجمل"
واحفظ، احفظوا مسافاتكم، إلا إن كنتم تمتلكون تلك الرغبة القوية والشجاعة في الحب، أعني نوع الحب الذي يتطلب منك أن تغمض عينيك وتفتح قلبك، أن تتحمل .. تتحمل أشياء قاسية، وحلوة، وصعبة، وسيئة، وحقيقية بشكل مرير، أشياء تصل للبشاعة لكن ما في قلبك قادر على إعطاءها سبب جمال آخر وليس أخير أبدا، الحب الذي له هيئة التعب ولكنه لو شاء لتفجرت منه كل منابع السلام والراحة، الحب الذي لا يحتاج من الآخرين أي تحفظٍ أو تكلفٍ أو حرج .. الحب الذي يثمر وينضح ويكبر، الحب الذي لا يحكم ولا يقيّد ولا يمارس عدوانا فكريا على عاداتنا الصغيرة السيء منها والحسن ..
الحب الذي يبتسم كلما صرخت في وجهه
"أنا وحش! لماذا أنت هنا .. جانبي؟!
أنا وحش، لا أحد يحب الوحوش ولا أحد يفضل البقاء بجانب وحش!"
.. ثم فجأةً لا تعود وحشا.