الأحد، 23 يونيو 2013

"يحفظُ اللوحة .. تفصيل صغير،"












" تفصيل صغير في لوحة كبيرة. اترك اللوحة،
  تابعني أنا .. لا أريد أن أغدو مجرد تفصيل صغير
  في لوحة كبيرة."
 
 
 
 
 
 
 
دعني، أكتبك ..
أنثركَ هنا ريثما تسبح في بطنِ الغياب والمغيب ..
ما الذي يزلزل روحك الآن؟ يتفشى في مساحات بالك؟
هل تمسح على رأسك كلما أزعجتك فكرة؟
هل تشرب الماء .. كلما احتجت أن تتأنى؟
هل ثمة فتاة مدهشة، تتباهى فوق سقفك، وأنفك وسطورك، وشاشة هاتفك؟
فتاة لا تشبهني .. أكيد
هل سبق وأن شبهنني؟ الفتيات اللاتي زاحمن حياتك وخيالات يقظتك؟
أنا المقصية خارج، خارج حدودك وأفكارك .. هل سبق وأن شبهنني؟
لا ألومك، ليس في الأمر ملامة .. لأنه لم يكن ذنبك أنك لم تعرفني يوما
وأنني وحدي التي لاحقتك مثل طيفٍ مخمور، مثل ظلٍ شائك ..
لاحقتك بغباء عذب، بغباء تبتسم له .. لأنه لوهلة لا يبدو غباءً!
لا أدري ما الذي قصدته بذلك، لكن علك فهمتني..
وحدي .. ضحكت مع ابتساماتك، وتوجعت مع وقعاتك 
خطّطتُ مع حاجبيك حين ينعقدانِ على فكرة!
طفوتُ مع خطوكِ الهادئ، وركضت مع استعجالك
خصصت فواصلا للكتب التي تقرأها، ودونت اقتباسات أشعرك تحبها ..
حفظت معك الأغاني التي كلما انفرطت من الراديو ملت برأسك
للوراء، مائلا، مشدوها، برنوّ .. تميل
وأميل بقلبي معك وأخاف أن تفلت منه فجأة!
وحدي تخيلت معك الألوان المناسبة على بشرتك، الكحلي .. والرمادي
تأكدت من سعر الحذاء الرياضي الذي تأملته طويلا مرة
وحدي شتمت الفتيات اللاتي لاحقتهن بعينيك، ثم أكملت دربكَ دون اكتراث،
تململت بدلا عنك من ساعات الانتظار الطويلة، وأسرحت خيول أفكاري تجمح نحوك .. 
خمّنت عطورك، ومواعيد ذهابك إلى المغسلة
ناقشت دروسك مع السقف، وفكرت بالمسائل الصعبة والأجوبة التي لا وجود لها..
تسلقت جدران روحك وتركت وردا على حدوده، لتتنفس .. قليلا وكثيرا!
تثاءبت مع تماديك في المنام والحلم، تنهدت إثر تقلبك الوديع أثناء سباتك،
 ولاحقت كوابيسك بعصا الخيزران، لم أتمكن من تأديبها أبدا آسفة!
 ولا لم أجد باب حلمك مفتوحا مرة، ولو عن طريق الخطأ ..
وحدي .. استنتجت مرارة القهوة التي تهدر بخمول في دمك
وتخيلتني .. أنا البعيدة والغريبة، أشبه السكر الذي لا تضيفه لقهوتك أبدا
أبتسم لانعكاسك على واجهات المحلات، ماضيا برأسك الصغير المنطلق ..
لا تتمهل، ولا تمنح العالم فرصة ليشتت انتباهك بتفاصيله الصغيرة والمخبوءة،
 لم أفهم أبدا إلى ما كنت تتطلع، أو إلى أين تنظر أنت ورأسك المنطلق للأمام دوما .. 
الذي لا يتمهل، ولا يتشتت مثلي حين يعبرني مشهد خاطف صغير ..
وأتأخر عنك، خطوة، خطوتين .. مسافة نبض وحلم.
أبتسم لانعكاسك، وانعكاسي الفقير الذي لا يتعب من ملاحقتك! 
أما الآن، ريثما تحضر أنت بين يدي الغياب، وأغيب أنا عن حدود الحضور ..
لوحدي - ايضا- مغمورة .. من دون أشيائك أسبقك إليها
أشبه هدوء مقهى مفتوح على أول ساعات الفجر، هدوءا ناعما أعرف ..
لكنه بلا أحد، بلا إرادته أن يكون عكس ذلك!
أتساءل، عنك .. عني، عن النبض داخلي
هل يخبو؟ نسيت شعور أن ألهث بعد مسافات ركض طويلة خلفك -أيام تعجلك- .. بلى، صار يخبو.
لم تعد ثمة ابتسامات وحكايات وخطوات جديدة أحفظها عنك
اختفيت، فجأة .. من دون أن تُعلمني - أنا ظلك الشائك - أنك لم تعد تحب الضوء،
 ولم يعد يعجبك إفصاح الشمس عن جانبك الآخر-الأسود- عن ظلك .. عني.
هذا غريب .. إنني من فرط ما سرقت مشاهدك، نسيت أشيائي
نسيت كيف ألمح خطوي، وأقرر كل يوم عن ماذا أهرب .. به!
رغم أنني أعود من حيث خرجت، كل يوم
إلا أنني كنت أحب خطط الهروب الصغيرة، الكاذبة .. والمفتعلة!
خطط الهروب التي تجعلني أوسّع خطواتي، أحاذي الرصيف مرة،
 وأتجاوز خطوط الظلال مرة، أزاحم البشر العائمين بمواعيد بعض أحيانا،
 وأشاغب المساحات الفارغة بظلالي العديدة والفسيحة أحيانا أخرى .. 
غريب، كيف أنني من فرط ما حفظتك، نسيتُني .. أنا،
أنا الدرس المهم في حياتي .. نسيتُني
والآن، دعني أشكل ذاكرة جديدة لي، بتفاصيل تشبهني أكثر،
بتفاصيل لا تذكرني بي وأنا ظل شائك .. أو طيف مخمور!
بتفاصيل .. مثل لو أنك تعود
لو أنك تعود ..
هل تسمح أخيرا لظلك الشائك أن يصيح ضوءا لا ينازعك عليه أحد؟
حتى في أشد لحظاتك حلكة .. ضوءا مدسوسا هنا، داخلك ..
مثل منارة هادئة وقلبك بحر ليلي هائج.

هناك 3 تعليقات:

  1. إن لم نكن كائنات ضوئية بحياتهم .. فالافضل أن نرحل ,,

    رائعة أنتِ :)

    ردحذف
  2. Shayma 129

    إننا نحاول على الأقل أن نكون جزءا يظل عند حدود يومهم، أوله، آخره ..
    يلتفتون إليه كلما مرّ أرواحهم هواء بارد وأحسوّا بالفقد، نحاول أن نبقى على الأقل .. الشيء الذي يجعل هذا العالم أقل سوءا لو أنهم مالوا برؤوسهم إلى الوراء قليلا ..


    شيما، يسعدني أنكِ هنا :*

    ردحذف