السبت، 18 يناير 2014

ما كان كلاما طيّبا ..





-


 
أعدّ داخل الروح مواقد للبرد ولصغار الفراشات داخلي،
الحنين ملعون والصبر يحتاج هو الآخر صبرا، صبرا جميلا
ولسوف يعيننا الرب على ما تصفون، أنا واحدة وأنت ألفٌ وجموع
في الدم في النص في العين وفي السهو وفي الارتباك الجميل،
كلّ الارتباك الجميل ..
يغيب عن العين ما لا يغيب عن القلب، ويظل في الروح ما لم يطُفِ الجسد
أسافر ولا آخذ معي كلمات مناسبة، عيناي بوصلتي، والعاشق دليله معان مسافرة في الأحداق
ما أنا بعاشقة، لكن يقال والله أنني في حالة عشق دائم .. مع الرحيل إلى تفصيلٍ
نسيه العالم
لكنه ظل آمنًا وجميل ..
ذرني، أو خذني

ما أقل أحلامنا قبل أن ننام، وما أشرسنا ونحن في اليقظة نحلم
يشتعل العالم، قلبي يرهف السمع، يعرف ..

يعرف أن العالم رغم قسوته ، الآن يبكي
"لكنني لم أحبّ يومًا كل هذا الدم"، ويبكي.
لا أريد للمعنى أن يفترق
ولا للكلام أن ينهب الأفكار شكلها ..
كنتُ أصدَق قبل أن أفتح فمي،
كنتُ أوسَع وأنا أعطيك ما في الروح من كلام .. على عيوني،
كان يجب أن تحفظ في الجيبِ معجمك.
عن حكيم ما أعطاني من كلامه سوى الخاتمة
خاتمة الدرس، لا التجربة ..
بكاء العظة، دون نشوة الخطأ، دون سلام التوبة
وعن يد مدت يدها للحب فانكسرت رذاذ ماء للورد والأفواه
الورد سيكبر، وقد يسدّ يومًا فم البندقية
لكن ما الذي سيسدّ فاها سيئًا؟ البندقية التي غطاها الورد؟
عن رأس مال إلى رقصة ثم انحنى منه الدم نهرا ومات
لكن الأغنية التي ما زالت ستدور، هي تعرف أنها لابد أن تدور
لأن الأغنية لا يهمها، ولأنه لابد من مفارقات عجيبة في الحياة
دمٌ مقابل موسيقى ..
عني أنا، أكتب بسوء لأنني فارغة وأحتاج أن تسعفني اللغة
عن اكتظاظ الكلام هنا عند أطراف يدي .. أصابعي
وعن الصمت الذي يبالغ في السبات
من يوقظ حضرته، قلت له أن لغتي مضروب رأسها بالحائط
وهرب .. هرب الشاعر بما تحمل أبياته من ذهب وأغاني
أسعفني أيها المارق في مسعاي، بأدب تقف أيها الجميل

وبأدب أسألك:
"ارحل .. دعني بسلام أحلم بغيرك"
ذاهبة أو باقية
لا يهم، ما زلت سأضحك متى ما رغبت
وليقل العالم قليلة أدب، وليقل مجنونة .. وإن كان كما يزعم جريئا
فليقل .. سعيدة!




الثلاثاء، 7 يناير 2014

مسافة الأسماء

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 مسافةٌ واسعة، داخلي مكسور. أريد أن أمدّ يدي فألمس يد غريبٍ من الطرف الآخر من العالم داخله مكسورٌ أيضا. أن أشرح له معنى أن تسمع صوت تكسر شيءٍ في داخلك، لا تسمعه واضحا، لكنك تسمعه بشكل مجازي كلما أغمضتَ عينيكَ لتنصت، شيءٌ هش .. له صوت الغياب والتعب، له برد أن تتأخر عن العودة وغبن أن تهرب قبل بداية المأساة.
 
أن أبتسم وأطلب منه أن نعد الغيم معًا أو أن أشير إلى غيمة بشكل عشوائي "ما شكلها؟ أظنها .. رأس فيل، أليس كذلك؟" أسأله، يرجع لي بابتسامة خبّأت التعب وأضحَت شُجاعة، لكنه لا يرد علي .. لأن لا غيم في السماء، مع ذلك يمسح الغيم السانح في عيني.
 
أخبره عن معاني أسمائنا وأسأله إن كان قد أعجبه معنى اسمي، "وأرجوك لا تقل بأنني مثل اسمي .. لطيفة وودودة" على ساعدهِ الأيمن كنت أشدّ، "الأسماء لعنة؟" أسأله أيضا، يصمت طويلا ثم يردف " أخبرني صديق لي وهو شاعر بالمناسبة، بأن الأسماء ليست سوى حيلة ظريفة." "حيلة؟ كيف؟" أعود لسؤاله بإلحاح أَحَبّه،  يجيب بثقة وظننته اقتبس كلامه من صديقه الشاعر "إنها خدعة بسيطة تحمّلنا أن نكون ما لسنا عليه أحيانا". وأكثر ما كان من ردي هو موافقتي لجوابه الحقيقي بشكل غريب "آه ذلك إذن يفسر سبب كرهي لاسمي أحيانا، أظنه يرغمني على أن أكون لطيفة .. مع أنني في معظم أحياني وحش، أضف على ذلك وحش مولّع بالشوكولاتة"، يبتسم "أظنها تلك الإضافة الأخيرة هي ما يجعلك وحشا لطيفا، مما يعيدك لنقطة البداية، لحقيقة أنك .. لستِ سوى اسمكِ"، "لست سوى اسمي؟ هذا قاسٍ قليلا أعتقد" أقول بتذمر ريثما أهذب خيوط شالي، يضحك .. "حسنًا، ربما أكثر من مجرد اسمكِ بقليل."
 
"الهواء بارد، أحب الهواء البارد، أحب المعاطف والملابس الثقيلة والخطى البطيئة التي تستحث دفئًا أو ربما بللًا مفاجئ .. " أقول وأنا تحت تأثير الرياح الباردة وهي تهرول فوق جلدي، فأنكمش مثلما تنكمش ورود صغيرة تحت رذاذ الماء. "الاكتناز والمبالغة في ارتداء الملابس متعة النساء في هذا الوقت من السنة .. الشتاء استغلال جيد لموضة المعاطف والفرو وكل الأنواع الغريبة من الثقل والانتفاخ". قال بسخرية، وكان لوجهه شقاوة مالت إليها ذكريات طفولتي، أضحك .. بشدة أضحك "لأننا نحب ذلك، وليس لأننا نحب الانتفاخ، بل إن للمعاطف إحساس ناعم، خصوصا تلك الجميلة والواسعة، إنها تغُني عاطفتنا وتلملم شتات حاجتنا لكتف أو لصدر نندس فيه خلال خطوات الصباح الباردة ولسعات الهواء مساء مثل قبل من ثلج، كما أنها أنيقة ونستطيع تحتها أن نخبئ الأجزاء التي نخجل منها من أجسادنا .." وضحكت، قال وعلى وجهه تطلع ابتسامة هادئة "تبدو أحزانكم أشد ألفة وسحرا بينما تنغمرون بداخلها مثل لآلئٍ خجولة." "وهذا أيضا .." علّقت، وقد بدت لي فكرة جيدة و رومانسية، فكرة الحزن النائم تحت المعاطف .. "هذا لطيف، ولا أقصد اسمي هنا .. لكن لن يبدو مناسبا أن أنغمر كل يوم تحت معطف وآخر" بسخافة أضفت.
 
ظلّ مبتسما .. للريح التي تهب من بينه وبيني، للبرد الذي يجعل المسافة دوما أقل .. ومدى التعب أحنّ، ثم في النهاية أطلَّ بتبسمه نحو وجهي وعليه، وابتسمت مع ابتسامته  تلك التي كم كانت هادئة ومنحتني سلاما أو تخيلت أنها فعلت، ابتسامة أن تشعر بما يتكسر داخلك .. ومع ذلك ما تزال حيا، تهرب منك لحظات وتجيء إليك أخرى، وأنت ما تزال أنت، متهاو داخلك وتشتهي أن تتهاوى أنت الآخر بكل ما فيك على أرض حنونة، وربما عينان دافئتان تقولان لك ببالغ اللطف:
احزن، أنا مهيأة لتعبك.